متداول تكنولوجيا

"عراب الذكاء الاصطناعي" يحذر من خطر سيطرة التكنولوجيا على البشرية

"عراب الذكاء الاصطناعي" يحذر من خطر سيطرة التكنولوجيا على البشرية

للعلّم - أثار الفيزيائي والعالم البارز جيفري هينتون، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء، قلقًا واسعًا بتصريحاته حول احتمالية سيطرة الذكاء الاصطناعي على البشر، مقدرًا هذا الاحتمال بنسبة تتراوح بين 10% و20%.

وفي مقابلة أجراها مع شبكة "سي بي إس نيوز" في الأول من أبريل، قال هينتون، الذي يُعرف بلقب "عراب الذكاء الاصطناعي": "للأسف، أشارك إيلون ماسك القلق ذاته، وأرى أن هناك احتمالًا لا يستهان به لهيمنة هذه الأنظمة على الإنسان، وإن كان ذلك مجرد تقدير شخصي".

وكان ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة xAI والمطور لروبوت المحادثة الذكي "Grok"، قد صرّح سابقًا بأن الذكاء الاصطناعي سيتفوق على البشر بحلول عام 2029، محذرًا من أنه قد يؤدي إلى فقدان الكثيرين لوظائفهم، مما يزيد المخاوف بشأن مستقبل البشرية في ظل تسارع تطورات الذكاء الاصطناعي.

ويكتسب تصريح هينتون أهمية خاصة نظراً لدوره المحوري في نشأة هذا المجال، حيث شبّه الوضع بمن يربي شبل نمر: "إن لم تكن متأكدًا من أنه لن يحاول قتلك عندما يكبر، فعليك أن تقلق"، على حد قوله.

ورغم أن نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية تقتصر في الغالب على تقديم إجابات للمستخدمين، فإن التطورات الحديثة تشير إلى توجه نحو تمكين هذه الأنظمة من التفاعل مع العالم المادي. فعلى سبيل المثال، عرضت شركة "شيري" الصينية خلال معرض شنغهاي للسيارات 2025 روبوتًا بشريًا بهيئة شابة، قام بسكب عصير البرتقال للزوار، في مشهد يُبرز الإمكانيات المتزايدة لهذه التكنولوجيا.

ويتوقع هينتون أن قدرات الذكاء الاصطناعي ستتجاوز هذه العروض البسيطة قريبًا، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي سيحدث تحولًا جذريًا في مجالات عدة، أبرزها التعليم والرعاية الصحية. وأوضح قائلا: "في ميدان الصحة، سيكون الذكاء الاصطناعي أكثر كفاءة من البشر في قراءة الصور الطبية، إذ بإمكانه تحليل ملايين الأشعة السينية واستخلاص خبرات لا يستطيع الأطباء الوصول إليها بهذا الحجم".

وأشار أيضًا إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يتفوق على أطباء العائلة في المستقبل، بفضل قدرته على الاستفادة من التاريخ الطبي الكامل للعائلات لتقديم تشخيصات دقيقة. وفي ميدان التعليم، توقع هينتون أن يتحول الذكاء الاصطناعي إلى معلم خصوصي خارق، يساعد الطلاب على التعلم بوتيرة أسرع وبفاعلية أكبر.

علاوة على ذلك، يرى هينتون أن للذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في التصدي لتغير المناخ، من خلال تطوير بطاريات أكثر كفاءة والمساهمة في ابتكار تقنيات احتجاز الكربون. لكنه أشار إلى أن تحقيق هذه الفوائد يتطلب الوصول إلى مستوى "الذكاء الاصطناعي العام" (AGI)، وهو نمط من الذكاء الاصطناعي يفوق القدرات البشرية في جميع المجالات.

على الجانب الآخر، انتقد هينتون ممارسات بعض الشركات الكبرى مثل غوغل وxAI وOpenAI، متهما إياها بتغليب المصالح الربحية على حساب إجراءات السلامة. وقال: "الشركات الكبرى تضغط بقوة لتخفيف القيود التنظيمية، وهذا أمر مقلق للغاية". وأعرب عن خيبة أمله إزاء تراجع غوغل عن وعدها بعدم دعم التطبيقات العسكرية للذكاء الاصطناعي.

وفي سياق متصل، شارك هينتون مع مجموعة من العلماء البارزين في التوقيع على بيان "مخاطر الذكاء الاصطناعي"، الذي يدعو إلى جعل الحد من خطر الانقراض الناجم عن هذه التقنية أولوية قصوى إلى جانب مواجهة الأوبئة والحروب النووية.

ويُذكر أن هينتون، البالغ من العمر 77 عامًا، حاز جائزة نوبل العام الماضي تقديرًا لمساهماته الاستثنائية في تطوير الشبكات العصبية الاصطناعية، وهي تقنيات تحاكي عمل الدماغ البشري، وتشكل اليوم العمود الفقري لأبرز أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT، مما يفسر الإحساس الطبيعي الذي يشعر به كثيرون أثناء التفاعل مع هذه الأنظمة.