حين يتحول التصوير إلى هوس: الوجه الخفي للإدمان الرقمي
للعلّم - في زمن الصورة، لم يعد التصوير مجرّد وسيلة لتوثيق اللحظة، بل بات أحيانًا مرآة لاحتياجات داخلية خفية، وملاذًا نفسيًا يُستخدم للهروب أو لتأكيد الذات. الإدمان على التصوير، أو الوسواس المرتبط به، يُعد من الظواهر الصاعدة في مجتمعاتنا الرقمية، يتداخل فيه السلوك التوثيقي الطبيعي مع رغبة مبالغ بها في إظهار كل لحظة، كل طبق، كل مشهد، وكل تعبير.
ينشأ هذا النوع من الإدمان تدريجيًا، غالبًا من شعور غير واعٍ بالحاجة إلى التقدير، أو للهروب من الشعور بالفراغ. قد يبدو سلوكًا بسيطًا في البداية، مثل التقاط صورة للطعام أو سيلفي سريع، لكن بمرور الوقت، يتحول إلى طقس لا يمكن تجاوزه، بل قد يسبق الفعل نفسه أهمية اللحظة.
قد يُصاب الشخص بنوع من القلق الشديد إذا لم يتمكن من التقاط صورة، أو قد يشعر بعدم اكتمال الحدث إن لم يوثّقه. تصبح العلاقة مع الكاميرا علاقة تعويضية، تمتلئ بالتحكم والسيطرة وتغذّي فكرة أن "كل شيء يجب أن يُرى" لكي يكون حقيقيًا.
في الكثير من الحالات، يكون التصوير المفرط انعكاسًا لقلق داخلي أو انخفاض في احترام الذات. الصورة هنا لا تمثل الذكرى، بل تمثل "إثباتًا للوجود"، وكأن الفرد يقول: "أنا هنا، أنا أعيش، انظروا إليّ". وتكمن الخطورة حين تبدأ هذه السلوكيات بالتأثير على جودة الحياة الواقعية، حيث تصبح الصور أهم من التجربة نفسها.
وسائل التواصل الاجتماعي تُغذي هذا النوع من الإدمان، بتفاعلها الفوري ومكافأتها النفسية عبر الإعجابات والتعليقات والمشاركات. يبدأ العقل البشري في ربط التصوير بالمكافأة، فينشط نظام الدوبامين، ويُعاد تكرار الفعل مرارًا. تزداد الرغبة في تصوير كل لحظة، ليس للاستمتاع بها، بل لتوثيقها في "العالم الآخر" الذي أصبحت تغذّيه أكثر من الواقع نفسه.
في المقابل، يرافق هذا الإدمان شعور داخلي بالإجهاد العقلي أو التشتت أو حتى الوحدة. رغم كثافة الصور والقصص الموثّقة، يشعر الشخص بأنه يعيش خارج اللحظة، كأنه يشاهد فيلمًا عن حياته، لا يشارك فيه فعليًا. وهو ما يُعرف بظاهرة "الانفصال النفسي الرقمي".
التحرر من هذا النمط لا يتطلب قطعًا تامًا مع التصوير، بل دعوة لإعادة تعريف علاقتنا معه. من المهم أن نسأل أنفسنا: لماذا نصور؟ هل نلتقط هذه اللحظة لأنها تعني لنا شيئًا حقيقيًا، أم لأننا نشعر بالحاجة إلى مشاركتها؟ هل التصوير يجعل التجربة أجمل، أم يسحب منها عفويتها؟
يمكن أن يكون التصوير أداة جميلة للتعبير والاحتفاظ بالذكريات، إذا ما أُستخدم بوعي واعتدال. التوازن يبدأ حين نبدأ بعيش اللحظة بعمق، حتى دون كاميرا، وحين نمنح للأشياء قيمتها في داخلنا لا فقط في أعين الآخرين.
في عالم يضغط علينا لنكون دائمًا على الشاشة، قد يكون الامتناع عن التصوير فعلًا ثوريًا بسيطًا، واستعادة للسيطرة على الواقع من خلف عدسة الهاتف.
ينشأ هذا النوع من الإدمان تدريجيًا، غالبًا من شعور غير واعٍ بالحاجة إلى التقدير، أو للهروب من الشعور بالفراغ. قد يبدو سلوكًا بسيطًا في البداية، مثل التقاط صورة للطعام أو سيلفي سريع، لكن بمرور الوقت، يتحول إلى طقس لا يمكن تجاوزه، بل قد يسبق الفعل نفسه أهمية اللحظة.
قد يُصاب الشخص بنوع من القلق الشديد إذا لم يتمكن من التقاط صورة، أو قد يشعر بعدم اكتمال الحدث إن لم يوثّقه. تصبح العلاقة مع الكاميرا علاقة تعويضية، تمتلئ بالتحكم والسيطرة وتغذّي فكرة أن "كل شيء يجب أن يُرى" لكي يكون حقيقيًا.
في الكثير من الحالات، يكون التصوير المفرط انعكاسًا لقلق داخلي أو انخفاض في احترام الذات. الصورة هنا لا تمثل الذكرى، بل تمثل "إثباتًا للوجود"، وكأن الفرد يقول: "أنا هنا، أنا أعيش، انظروا إليّ". وتكمن الخطورة حين تبدأ هذه السلوكيات بالتأثير على جودة الحياة الواقعية، حيث تصبح الصور أهم من التجربة نفسها.
وسائل التواصل الاجتماعي تُغذي هذا النوع من الإدمان، بتفاعلها الفوري ومكافأتها النفسية عبر الإعجابات والتعليقات والمشاركات. يبدأ العقل البشري في ربط التصوير بالمكافأة، فينشط نظام الدوبامين، ويُعاد تكرار الفعل مرارًا. تزداد الرغبة في تصوير كل لحظة، ليس للاستمتاع بها، بل لتوثيقها في "العالم الآخر" الذي أصبحت تغذّيه أكثر من الواقع نفسه.
في المقابل، يرافق هذا الإدمان شعور داخلي بالإجهاد العقلي أو التشتت أو حتى الوحدة. رغم كثافة الصور والقصص الموثّقة، يشعر الشخص بأنه يعيش خارج اللحظة، كأنه يشاهد فيلمًا عن حياته، لا يشارك فيه فعليًا. وهو ما يُعرف بظاهرة "الانفصال النفسي الرقمي".
التحرر من هذا النمط لا يتطلب قطعًا تامًا مع التصوير، بل دعوة لإعادة تعريف علاقتنا معه. من المهم أن نسأل أنفسنا: لماذا نصور؟ هل نلتقط هذه اللحظة لأنها تعني لنا شيئًا حقيقيًا، أم لأننا نشعر بالحاجة إلى مشاركتها؟ هل التصوير يجعل التجربة أجمل، أم يسحب منها عفويتها؟
يمكن أن يكون التصوير أداة جميلة للتعبير والاحتفاظ بالذكريات، إذا ما أُستخدم بوعي واعتدال. التوازن يبدأ حين نبدأ بعيش اللحظة بعمق، حتى دون كاميرا، وحين نمنح للأشياء قيمتها في داخلنا لا فقط في أعين الآخرين.
في عالم يضغط علينا لنكون دائمًا على الشاشة، قد يكون الامتناع عن التصوير فعلًا ثوريًا بسيطًا، واستعادة للسيطرة على الواقع من خلف عدسة الهاتف.