ديني

كنعان: العهدة العمرية أرفع دساتير حقوق الانسان وحريات العبادة في التاريخ

كنعان: العهدة العمرية أرفع دساتير حقوق الانسان وحريات العبادة في التاريخ

للعلّم - يأتي شهر رمضان المبارك هذا العام متزامناً مع شهر آذار، لتجتمع في اليوم الواحد في التقويمين الهجري والميلادي العديد من المناسبات والأحداث التي يتصل بعضها بالتاريخ والثقافة والحياة في القدس وفلسطين، والوقوف على مضامين بعض هذه الاحداث والمناسبات أمر يجعلنا نستخلص الدروس والعبر لنعد أنفسنا لمواجهة التحديات والمخاطر.

وبين الأمين العام للجنة الملكية لشؤون القدس عبد الله كنعان ان من اهم الاحداث التي وقعت في الثالث عشر من رمضان سنة 15هـ ( 18 تشرين الاول 636م)، وصول الخليفة عمر بن الخطاب إلى فلسطين وفتح بيت المقدس، حيث كانت العُهدة العمرية والتي أعطى فيها للمسيحيين في القدس الأمان على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم، فكانت وما تزال هذه الوثيقة من أرفع دساتير حقوق الانسان وحريات العبادة في التاريخ، وهذا أمر متصل بعقيدة وثقافة ونهج الاسلام الذي أنطلقت من فهمه بُنية الوثيقة وعباراتها، باعتباره ينشر فكر الحرية والتسامح والعيش المشترك على أساس الحقوق والعدالة، وقد سبقت هذه الوثيقة التاريخية برسالتها ومضامينها السلمية ما عرف لاحقاً بالوضع التاريخي القائم (الاستاتيسكو)، وعلى نهج رسالة العهدة العمرية استمرت الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس في رعاية الاوقاف والمقدسات المسيحية.

واضاف كنعان انه ولاشك أن مجرد رصد ما يجري من اعتداءات وانتهاكات للاحتلال في فلسطين المحتلة من قتل وتهجير ومصادرة للممتلكات وتدمير واغلاق للمؤسسات الاجتماعية والصحية والاقتصادية، يكشف للرأي العام العالمي والمنظمات الشرعية الدولية عن الحجم الكبير لبشاعة وانتهاكات الاحتلال ضد الانسان وحقوقه المشروعة بالحرية والعبادة، هذه الانتهاكات الوحشية المستمرة حتى اليوم في غزة ومدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية لم تمنعها وتردعها المطالبات والقرارات الدولية بما فيها الصادرة في شهر آذار، ومن ذلك قرار لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة بتاريخ 4 آذار 1969 الذي أعلن عن أسفه لما يجري من انتهاكات اسرائيلية مستمرة لحقوق الانسان في الاراضي المحتلة، لكنه اسف لم يصل إلى حد فرض العقوبات الرادعة على تدمير الاحتلال اكثر من 500 قرية فلسطينية عام 1948 وقتل الالاف وتهجير ملايين الفلسطينيين في العالم، بعد ذلك التاريخ ولازالت تمارس هذه الاعتداءات حتى اليوم.

واوضح كنعان ان يوم 13 آذار يحمل أيضاً فعاليات ومناسبات فلسطينية منها يوم الجريح الفلسطيني، الذي أعلن عنه عام 1968، حيث جاء القرار بعد إنشاء "مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى" عام 1965، ليكون مناسبة تذكر العالم ببشاعة الاحتلال وتلفت نظر المؤسسات الدولية باهمية رعاية الجرحى، خصوصا مع ارتفاع عدد الجرحى الفلسطينيين عبر عقود متواصلة من النضال ضد الاحتلال وما يتعرضون له من تضييق ومنع علاجهم وتنقلهم بين مستشفيات الضفة الغربية وقطاع غزة الذي يجعل لهذه الفئة الشجاعة رمزية في الصمود والرباط الفلسطيني، لافتا الى حالات الخطف من داخل المستشفيات التي تعرض لها الكثير من المصابين.

ونبه كنعان الى ان يوم 13 آذار يصادف ايضا يوم الثقافة الفلسطيني وهو كذلك يوم ميلاد الشاعر الراحل محمود درويش، والذي تقرر فيه من أجل استذكار أعمدة ورواد الثقافة الفلسطينية، وللحفاظ على الهوية الثقافية الفلسطينية، تقديم جائزة باسم درويش لثلاثة مبدعين من فلسطين والعالم، والثقافة الفلسطينية بما فيها ثقافة وتاريخ القدس لها رمزيتها كهوية فلسطينية راسخة وثقافة وعي ونضال ضد الاحتلال، من هنا يسعى الاحتلال بكافة السبل والوسائل الى محوها ومحاربتها واغلاق مؤسساتها، والعمل على تهويدها.

واشار كنعان الى ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وهي تستذكر بعض وقائع ومناسبات يوم الثالث عشر من شهري رمضان وآذار، تؤكد أن الذاكرة التاريخية والثقافية الفلسطينية والمقدسية تحمل رسالة محبة وتسامح وحرية ووعي وصمود ضد الاحتلال، الأمر الذي يعزز اليقين والثقة بأن حضارة العروبة والاسلام وارثها الغني بالقيم والمثل العليا لها قدرة وقوة الانتصار على وحشية الاحتلال وهمجيته القائمة على التزييف والتضييق، وأن رمضان الصمود والصبر على ظلم الاحتلال، يحمل الأمل بالحرية التي ترفع شعلتها الاجيال المتمسكة بحقها وتاريخها وثقافتها.